FR
EN
  ندوة تمييز أحوال النبي صلى الله عليه وسلم وأثره في تقليل الاختلاف  
 
 
إن مما تتوق إليه همم علماء الشريعة والباحثين في تراث علومها تمييز الأحوال التي تكون باعثا على الأقوال والأفعال التي تصدر عن الرسول صلى الله عليه وسلم. ذلك أنّ ما يصدر عنه صلى الله عليه وسلم ليس كله من قبيل التشريع العام للأمة، بل فيه ما هو صادر عنه بمقتضى العادة والجبلة والخبرة في الحياة. ومنه ما صدر عنه باعتباره إماما للمسلمين، أو قائدا حربيا لهم، أو قاضيا يفصل في نزاعات خاصة ببعضهم، لها حيثياتها وأسبابها وظروفها، ووفق حجج المتخاصمين ودعاواهم، وقد يخصص أشخاصا معينين بأحكام خاصة لا تتعدى إلى غيرهم. ثم إن الأقوال والأفعال المنقولة عنه صلى الله عليه وسلم والتي سبيلها التشريع العام ليست على مقام واحد. فمنها ما صدر عنه صلى الله عليه وسلم على وجه العزم والعموم - وهو الغالب -، ومنها ما صدر على وجه الهدي والإرشاد، أو الإشارة على المستشير، أو النصيحة لطالبها، ومنها ما سبيله طلب حمل النفوس على الأكمل من الأحوال. ومنها ما طريقه تعليم الحقائق العالية لنخبة خاصة من المكلفين، في مقدمتهم كبار أصحابه صلى الله عليه وسلم، ومنها ما طريقه التأديب لِصنفٍ خاصٍ من الناس. ولقد تعرض الأصوليون لهذا الموضوع الخطير، واجتهدوا في بيانه والتأصيل له، كالقرافي في كتابه "الفروق"، وكتابه "الإحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام وتصرفات القاضي والإمام"، وولي الله الدهلوي في كتابه "حجة الله البالغة".. وتعرض له جماعة من العلماء المعاصرين، منهم الطاهر بن عاشور في كتابه "مقاصد الشريعة الإسلامية"، وفصَّل فيه بعض التفصيل.. وإن دار الحديث الحسنية لتتشوف، بالأبحاث التي تقدم إلى هذه الندوة، إلى تعميق البحث في هذا الموضوع، بالتأصيل له، وحصر أحاديث الأحكام المحمولة على هذه الأوجه التي ذكرناها، ثم بيان أثر هذا الحصر في توضيح المشكل من الأحاديث التي أحدثت اختلافاً بين الفقهاء.. وذلك من خلال المحاور التالية: 1- التأصيل الشرعي لتمييز أحوال النبي صلى الله عليه وسلم، وجهود العلماء السابقين في ذلك. 2- تمييز ما صدر عنه صلى الله عليه وسلم على وجه الإمامة والقيادة في الحرب والسلم، والاجتهاد في حصر أحاديث الأحكام التي خرجت على هذا الوجه، وبيان أثر هذا الحصر في تقليل الخلاف. 3- تمييز ما صدر عنه صلى الله عليه وسلم على وجه القضاء أو الإصلاح بين الناس، والاجتهاد في حصر أحاديث الأحكام التي خرجت على هذا الوجه، وبيان أثر هذا الحصر في تقليل الخلاف. 4- تمييز ما صدر عنه صلى الله عليه وسلم وسبيله التشريع العام، لكنه خرَج على غير سبيل العزم والعموم، والاجتهاد في حصر أحاديث الأحكام التي خرجت على هذا الوجه، وبيان أثر هذا الحصر في تقليل الخلاف. 5- وضع الضوابط الحاكمة للتمييز بين ما هو من قبيل التشريع العام وما هو ليس كذلك




تحميل الملف الملحق
العودة الى الصفحة الرئيسية